انطلاق المشروع الكبير: «القدس عاصمة الثقافة العربية 2009
القدس:
تأخر العرب كثيراً في اعتماد القدس «عاصمة الثقافة العربية»، ولكننا مع اقتراب موعد الانطلاقة لهذا المشروع الثقافي الوطني الكبير، نجدها معركة تحدٍ سياسي، على خلاف المدن التي أعلنت في التاريخ الحديث عواصم ثقافية. ومن البداية يبدو واضحاً ان ملايين البشر من أحباء القدس لن يستطيعوا المشاركة في الاحتفال بها على أرضها، وسيكتفون بالشوق اليها من بعيد. حتى أهل القدس الذين سلخهم الجدار العازل عنها، وأحباء القدس من سكان الضفة الغربية الذين يعيشون على مرمى حجر منها، سيضطرون إلى الاحتفاء بها من بعيد. من وراء الأسلاك الشائكة أو الأسوار الشاهقة. ولعل هذا هو السبب في تأخير قرار العرب باعتمادها عاصمة للثقافة العربية. فعسى أن يكون القرار اليوم، قادراً على مسح دمعة حزن تسيل من مقلتها، ورسم بارقة أمل بحريتها؟!
الفكرة بدأت عام 1985، حينما بادرت وزيرة الثقافة اليونانية، ملينا مركوري، إلى اعتماد عاصمة ثقافية كل سنة في أوروبا بغية «ابراز الحياة الثقافية وتطورها في كل مدينة ونقل التجربة وتقريب القلوب بين الأوروبيين». وقد تبنت الفكرة منظمة «اليونسكو»، وأعلنت أثينا، أول عاصمة في هذا المشروع. ومنذ ذلك الوقت يتم اعتماد مدن أخرى. وابتداء من سنة 2009، تعلن مدينتان (لينتش في النمسا وفيلنا في ليتا)، وسنة 2010 تعتمد ثلاث مدن عاصمة للثقافة الأوروبية.
سنة 1996 تبنى الفكرة نفسها وزراء الثقافة العرب، وطرحت في حينه فكرة اعتماد القدس «عاصمة الثقافة العربية الأولى»، لكن وضعها تحت الاحتلال شكل عقبة. وبما ان اتفاقيات أوسلو كانت طازجة والآمال بتحرير القدس بدت زاهرة، قرر العرب الانتظار. فربما تمر سنة أو سنتان حتى تتحرر. وهكذا بدأوا باعتماد القاهرة عاصمة للثقافة العربية، تلتها تونس، ثم الشارقة فبيروت وبعدها الرياض ثم الكويت وعمان والرباط وصنعاء والخرطوم ومسقط والجزائر، ثم دمشق. وفي سنة 2006، وبعد أن رأوا ان حلم التحرير يبتعد، تقرر اعتماد القدس عاصمة الثقافة العربية لسنة 2009. ورأى الفلسطينيون في القرار خطوة مهمة على طريق التحرير.
وكما يقول رئيس اللجنة الوطنية العليا لهذا المشروع، الدكتور رفيق الحسيني، وهو رئيس ديوان الرئاسة الفلسطيني ويعتبر مندوباً شخصياً عن الرئيس محمود عباس في هذه اللجنة، فإن «الإحتفاء بمدينة القدس عاصمة للثقافة العربية هو تأكيد على أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وتكريس لبعدها السياسي كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ومكانتها في الوجدان الديني والإنساني، وتجذير لهويتها العربية، ودعم للوجود الفلسطيني وصموده فيها، وتصد لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز للشعور بالانتماء الوطني والعربي تجاه هوية ثقافية عربية موحدة».
وأعلنت دائرة الإعلام المنبثقة عن اللجنة الوطنية ان انطلاقة الفعاليات لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 سيتم من مدينة القدس أواخر شهر يناير بمشاركة فعاليات فنية عربية وفلسطينية، وسيتم تنظيم حفل الصيف القادم، يتميز بإدماج فعاليات فلسطينية، عربية ودولية في حفل واحد للتأكيد على الاهتمام الدولي والاقليمي بالاحتفالية، على ان تختتم القدس فعاليتها بحفل في ديسمبر القادم تسلم خلاله الشعلة الى الدوحة العاصمة العربية لعام 2010. وذكرت اللجنة ان الاحتفالية ستركز على ثلاثة أبعاد تتعلق بزهرة المدائن، هي:«القدس ماضياً»، ويتم فيها استعراض المراحل التاريخية التي مرت بها القدس، و«القدس راهناً»، ويتم فيها تسليط الضوء على الواقع الحاضر للمدينة واحداثيات المشروع الثقافي الفلسطيني الحالي والمساحة الضيقة ثقافياً التي تعيشها القدس في ظل سياسة الاحتلال وطمس الهوية، وتأثير العزلة المفروضة على المدينة عن محيطها الفلسطيني والعربي الطبيعي، و«القدس مستقبلاً»، بطرح الرؤية المستقبلية للمدينة ومساهمة الحدث في تثبيت فعاليات دورية للسنوات القادمة ومراجعة ما من شأنه الحفاظ على المدينة وتطوير بنيتها الثقافية وتنشيطها.
وتشمل الاحتفالية المهرجانات والمعارض الفنية والصالونات المتخصصة وأسبوع حق العودة والاعياد والمناسبات الدينية وندوات البحث التاريخية في الاثار والمادة التراثية المقدسية وورشات فنية، ودمج فعاليات عربية في فلسطين تشمل معارض فنية وعروض أزياء تقليدية، وندوات فكرية، وأمسيات موسيقية، وغير ذلك.
وذكرت اللجنة ان الخطة التنفيذية للاحتفالية بنيت على الاسس والقواعد التالية:
أولا، تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية المعدة للاحتفاء بهذه المناسبة، لدعم مشاريع البنية التحتية الثقافية في مدينة القدس وتأهيلها فنياً، والتي تنطلق في 2009 وتستمر عدة سنوات. ثانيا، مشاركة كل دولة عربية شقيقة بتبني مشروع خاص بالبنية التحتية وآخر ثقافي بمدينة القدس، على أن يسجل هذان المشروعان باسم عاصمتها في القدس. ثالثا، تنفيذ المشهد الاحتفالي من برامج وفعاليات ثقافية على مستوى فلسطين، بما فيها مدينة القدس، وتشمل أيضاً المخيمات الفلسطينية كافة داخل وخارج فلسطين. رابعاً، اقامة أسابيع ثقافية فلسطينية في العواصم العربية بالتعاون مع الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. خامساً، تنفيذ فعاليات ثقافية تبرز المخزون الثقافي والحضاري لمدينة القدس في العواصم الأوروبية والعالمية.
وتوجد حاجة ماسة لتطوير البنية التحتية للمؤسسات الثقافية المقدسية بسبب الوضع الخاص للمدينة، التي تخضع بالكامل للقوانين والأنظمة الإسرائيلية من إعاقة في إعطاء تراخيص بناء تمتد في معظم الأحيان إلى سنوات ومن كلفة باهظة في الحصول على هذه الرخص، بالإضافة للبناء نفسه الذي يفوق في كلفته أضعاف ما هو قائم في بقية الأراضي الفلسطينية، ناهيك عن القيود العامة الـمفروضة على المواطنين والمؤسسات المقدسية والتي ترتبط بالوضع السياسي العام، ما يعرض وجودها واستدامتها للخطر. كما أن المنشآت الثقافية والتربوية كالمدارس والأندية الرياضية ليست مؤهلة بالأساس كمرافق ثقافية ومعظمها يعمل حاليا ضمن أبنية هي بالأصل مصممة لإغراض أخرى. لذلك اعتمد المجلس الإداري لاحتفالية القدس، وبعد إجراء بحث ميداني قائمة مشاريع رئيسية تتكون من أحد عشر مشروعاً تشمل القطاعات التالية: تأهيل المنشآت الثقافية والرياضية في مدارس القدس كالملاعب والقاعات والمسارح، ترميم وتأهيل فنادق (قروض تسدد جزئيا بواسطة خدمات أو ضمانات)، تأهيل وتطوير مسارح عامة، تأهيل وتطوير متاحف، تأهيل وتطوير مكتبات ومراكز مخطوطات، تأهيل وتطوير البنية التحتية للأندية، تأهيل مراكز ثقافية مجتمعية، شراء وتأهيل بيوت عربية، دعم مشاريع قطاع خاص، ثقافية/اجتماعية، تجميل الـمدينة والاسواق الشعبية، إضافة إلى مشاريع مستقبلية للمؤسسات المقدسية.
من الجهة الاسرائيلية، جاء قرار اعلان القدس عاصمة للثقافة العربية مثل صدمة. وفي حينه سعت إسرائيل لمعرفة سر القرار وأبعاده مع الدول العربية التي تقيم معها علاقات، وقررت عدم الدخول في مواجهة مع المشروع. وحسب بيان من وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإنها رأت فيه «نشاطاً ثقافياً محدوداً لا يحمل مغزى سياسياً». ولكنها في الواقع العملي قررت مواجهة المشروع على طريقتها التقليدية. فمن جهة اتخذت الاحتياطات لمنع «أية مظاهر معادية لاسرائيل في المشروع»، وهنا قصدت استخدام سلطتها كقوة احتلالية لها شرطتها وحرس حدودها وحواجزها العسكرية ومستوطناتها. وستفعل ذلك بشكل مراقب، حيث ان الموضوع بالغ الحساسية بالنسبة لها. فهو مدعوم من اليونسكو، وإسرائيل تتعاطى مع اليونسكو بشكل ايجابي في السنوات الأخيرة، حيث انها معنية بالحصول على مراكز قيادية في هذه المنظمة، كما انها لا تريد أن تضع نفسها في موقع العداء للثقافة في العالم. ومن الجهة الأخرى، استغلت الذكرى الأربعين لاحتلال القدس وأعلنت عن 2007 كـ«سنة القدس عاصمة للدولة اليهودية الديمقراطية». وفي اطار هذا الاعلان، نظمت مئات الفعاليات الثقافية والفنية والسياسية والأكاديمية. وأقيمت عدة تنظيمات تعنى برفع مكانة الثقافة في «القدس الموحدة» (بعد الاحتلال مباشرة أعلنت اسرائيل عن ضم القدس الشرقية المحتلة إلى إسرائيل وتوحيدها مع القدس الغربية اليهودية في مدينة واحدة تسمى «العاصمة الأبدية لإسرائيل»). وقد رصدت اسرائيل لهذا المشروع ميزانيات ضخمة، من الحكومة والبلدية ومن المتبرعين اليهود والأجانب في العالم، هدفه الوصول إلى مستوى حيفا خلال عشر سنوات ومستوى تل أبيب خلال عشرين سنة، علما بأن هناك 64 مؤسسة ثقافية في القدس، ثمان منها تعتبر كبيرة ولها ميزانية بقيمة تزيد على 2.2 مليون دولار، بينما المرافق الثقافية في حيفا تساوي عشرة أضعاف هذا العدد وميزانياته وفي تل أبيب عشرين ضعفاً. وهذه المؤسسات في القدس تضم 11 مسرحا و 8 متاحف (بينها متحف ضخم في القدس الغربية لتاريخ وثقافة الاسلام) و7 فرق موسيقية، 3 فرق رقص و9 مدارس لتعليم الفن ودار للسينما و5 مؤسسات للفن التشكيلي.
ومع ان الاحتفالات بالقدس في اسرائيل قد انتهى موعدها، فإن هناك تواصلا للنشاطات الثقافية فيها، يتوقع أن تزيد وتكبر خلال الاحتفالات الفلسطينية بالقدس الشرقية. وكأنا بهم يقولون، حتى الثقافة العربية في القدس محتلة.
القدس:
تأخر العرب كثيراً في اعتماد القدس «عاصمة الثقافة العربية»، ولكننا مع اقتراب موعد الانطلاقة لهذا المشروع الثقافي الوطني الكبير، نجدها معركة تحدٍ سياسي، على خلاف المدن التي أعلنت في التاريخ الحديث عواصم ثقافية. ومن البداية يبدو واضحاً ان ملايين البشر من أحباء القدس لن يستطيعوا المشاركة في الاحتفال بها على أرضها، وسيكتفون بالشوق اليها من بعيد. حتى أهل القدس الذين سلخهم الجدار العازل عنها، وأحباء القدس من سكان الضفة الغربية الذين يعيشون على مرمى حجر منها، سيضطرون إلى الاحتفاء بها من بعيد. من وراء الأسلاك الشائكة أو الأسوار الشاهقة. ولعل هذا هو السبب في تأخير قرار العرب باعتمادها عاصمة للثقافة العربية. فعسى أن يكون القرار اليوم، قادراً على مسح دمعة حزن تسيل من مقلتها، ورسم بارقة أمل بحريتها؟!
الفكرة بدأت عام 1985، حينما بادرت وزيرة الثقافة اليونانية، ملينا مركوري، إلى اعتماد عاصمة ثقافية كل سنة في أوروبا بغية «ابراز الحياة الثقافية وتطورها في كل مدينة ونقل التجربة وتقريب القلوب بين الأوروبيين». وقد تبنت الفكرة منظمة «اليونسكو»، وأعلنت أثينا، أول عاصمة في هذا المشروع. ومنذ ذلك الوقت يتم اعتماد مدن أخرى. وابتداء من سنة 2009، تعلن مدينتان (لينتش في النمسا وفيلنا في ليتا)، وسنة 2010 تعتمد ثلاث مدن عاصمة للثقافة الأوروبية.
سنة 1996 تبنى الفكرة نفسها وزراء الثقافة العرب، وطرحت في حينه فكرة اعتماد القدس «عاصمة الثقافة العربية الأولى»، لكن وضعها تحت الاحتلال شكل عقبة. وبما ان اتفاقيات أوسلو كانت طازجة والآمال بتحرير القدس بدت زاهرة، قرر العرب الانتظار. فربما تمر سنة أو سنتان حتى تتحرر. وهكذا بدأوا باعتماد القاهرة عاصمة للثقافة العربية، تلتها تونس، ثم الشارقة فبيروت وبعدها الرياض ثم الكويت وعمان والرباط وصنعاء والخرطوم ومسقط والجزائر، ثم دمشق. وفي سنة 2006، وبعد أن رأوا ان حلم التحرير يبتعد، تقرر اعتماد القدس عاصمة الثقافة العربية لسنة 2009. ورأى الفلسطينيون في القرار خطوة مهمة على طريق التحرير.
وكما يقول رئيس اللجنة الوطنية العليا لهذا المشروع، الدكتور رفيق الحسيني، وهو رئيس ديوان الرئاسة الفلسطيني ويعتبر مندوباً شخصياً عن الرئيس محمود عباس في هذه اللجنة، فإن «الإحتفاء بمدينة القدس عاصمة للثقافة العربية هو تأكيد على أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وتكريس لبعدها السياسي كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ومكانتها في الوجدان الديني والإنساني، وتجذير لهويتها العربية، ودعم للوجود الفلسطيني وصموده فيها، وتصد لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز للشعور بالانتماء الوطني والعربي تجاه هوية ثقافية عربية موحدة».
وأعلنت دائرة الإعلام المنبثقة عن اللجنة الوطنية ان انطلاقة الفعاليات لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 سيتم من مدينة القدس أواخر شهر يناير بمشاركة فعاليات فنية عربية وفلسطينية، وسيتم تنظيم حفل الصيف القادم، يتميز بإدماج فعاليات فلسطينية، عربية ودولية في حفل واحد للتأكيد على الاهتمام الدولي والاقليمي بالاحتفالية، على ان تختتم القدس فعاليتها بحفل في ديسمبر القادم تسلم خلاله الشعلة الى الدوحة العاصمة العربية لعام 2010. وذكرت اللجنة ان الاحتفالية ستركز على ثلاثة أبعاد تتعلق بزهرة المدائن، هي:«القدس ماضياً»، ويتم فيها استعراض المراحل التاريخية التي مرت بها القدس، و«القدس راهناً»، ويتم فيها تسليط الضوء على الواقع الحاضر للمدينة واحداثيات المشروع الثقافي الفلسطيني الحالي والمساحة الضيقة ثقافياً التي تعيشها القدس في ظل سياسة الاحتلال وطمس الهوية، وتأثير العزلة المفروضة على المدينة عن محيطها الفلسطيني والعربي الطبيعي، و«القدس مستقبلاً»، بطرح الرؤية المستقبلية للمدينة ومساهمة الحدث في تثبيت فعاليات دورية للسنوات القادمة ومراجعة ما من شأنه الحفاظ على المدينة وتطوير بنيتها الثقافية وتنشيطها.
وتشمل الاحتفالية المهرجانات والمعارض الفنية والصالونات المتخصصة وأسبوع حق العودة والاعياد والمناسبات الدينية وندوات البحث التاريخية في الاثار والمادة التراثية المقدسية وورشات فنية، ودمج فعاليات عربية في فلسطين تشمل معارض فنية وعروض أزياء تقليدية، وندوات فكرية، وأمسيات موسيقية، وغير ذلك.
وذكرت اللجنة ان الخطة التنفيذية للاحتفالية بنيت على الاسس والقواعد التالية:
أولا، تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية المعدة للاحتفاء بهذه المناسبة، لدعم مشاريع البنية التحتية الثقافية في مدينة القدس وتأهيلها فنياً، والتي تنطلق في 2009 وتستمر عدة سنوات. ثانيا، مشاركة كل دولة عربية شقيقة بتبني مشروع خاص بالبنية التحتية وآخر ثقافي بمدينة القدس، على أن يسجل هذان المشروعان باسم عاصمتها في القدس. ثالثا، تنفيذ المشهد الاحتفالي من برامج وفعاليات ثقافية على مستوى فلسطين، بما فيها مدينة القدس، وتشمل أيضاً المخيمات الفلسطينية كافة داخل وخارج فلسطين. رابعاً، اقامة أسابيع ثقافية فلسطينية في العواصم العربية بالتعاون مع الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. خامساً، تنفيذ فعاليات ثقافية تبرز المخزون الثقافي والحضاري لمدينة القدس في العواصم الأوروبية والعالمية.
وتوجد حاجة ماسة لتطوير البنية التحتية للمؤسسات الثقافية المقدسية بسبب الوضع الخاص للمدينة، التي تخضع بالكامل للقوانين والأنظمة الإسرائيلية من إعاقة في إعطاء تراخيص بناء تمتد في معظم الأحيان إلى سنوات ومن كلفة باهظة في الحصول على هذه الرخص، بالإضافة للبناء نفسه الذي يفوق في كلفته أضعاف ما هو قائم في بقية الأراضي الفلسطينية، ناهيك عن القيود العامة الـمفروضة على المواطنين والمؤسسات المقدسية والتي ترتبط بالوضع السياسي العام، ما يعرض وجودها واستدامتها للخطر. كما أن المنشآت الثقافية والتربوية كالمدارس والأندية الرياضية ليست مؤهلة بالأساس كمرافق ثقافية ومعظمها يعمل حاليا ضمن أبنية هي بالأصل مصممة لإغراض أخرى. لذلك اعتمد المجلس الإداري لاحتفالية القدس، وبعد إجراء بحث ميداني قائمة مشاريع رئيسية تتكون من أحد عشر مشروعاً تشمل القطاعات التالية: تأهيل المنشآت الثقافية والرياضية في مدارس القدس كالملاعب والقاعات والمسارح، ترميم وتأهيل فنادق (قروض تسدد جزئيا بواسطة خدمات أو ضمانات)، تأهيل وتطوير مسارح عامة، تأهيل وتطوير متاحف، تأهيل وتطوير مكتبات ومراكز مخطوطات، تأهيل وتطوير البنية التحتية للأندية، تأهيل مراكز ثقافية مجتمعية، شراء وتأهيل بيوت عربية، دعم مشاريع قطاع خاص، ثقافية/اجتماعية، تجميل الـمدينة والاسواق الشعبية، إضافة إلى مشاريع مستقبلية للمؤسسات المقدسية.
من الجهة الاسرائيلية، جاء قرار اعلان القدس عاصمة للثقافة العربية مثل صدمة. وفي حينه سعت إسرائيل لمعرفة سر القرار وأبعاده مع الدول العربية التي تقيم معها علاقات، وقررت عدم الدخول في مواجهة مع المشروع. وحسب بيان من وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإنها رأت فيه «نشاطاً ثقافياً محدوداً لا يحمل مغزى سياسياً». ولكنها في الواقع العملي قررت مواجهة المشروع على طريقتها التقليدية. فمن جهة اتخذت الاحتياطات لمنع «أية مظاهر معادية لاسرائيل في المشروع»، وهنا قصدت استخدام سلطتها كقوة احتلالية لها شرطتها وحرس حدودها وحواجزها العسكرية ومستوطناتها. وستفعل ذلك بشكل مراقب، حيث ان الموضوع بالغ الحساسية بالنسبة لها. فهو مدعوم من اليونسكو، وإسرائيل تتعاطى مع اليونسكو بشكل ايجابي في السنوات الأخيرة، حيث انها معنية بالحصول على مراكز قيادية في هذه المنظمة، كما انها لا تريد أن تضع نفسها في موقع العداء للثقافة في العالم. ومن الجهة الأخرى، استغلت الذكرى الأربعين لاحتلال القدس وأعلنت عن 2007 كـ«سنة القدس عاصمة للدولة اليهودية الديمقراطية». وفي اطار هذا الاعلان، نظمت مئات الفعاليات الثقافية والفنية والسياسية والأكاديمية. وأقيمت عدة تنظيمات تعنى برفع مكانة الثقافة في «القدس الموحدة» (بعد الاحتلال مباشرة أعلنت اسرائيل عن ضم القدس الشرقية المحتلة إلى إسرائيل وتوحيدها مع القدس الغربية اليهودية في مدينة واحدة تسمى «العاصمة الأبدية لإسرائيل»). وقد رصدت اسرائيل لهذا المشروع ميزانيات ضخمة، من الحكومة والبلدية ومن المتبرعين اليهود والأجانب في العالم، هدفه الوصول إلى مستوى حيفا خلال عشر سنوات ومستوى تل أبيب خلال عشرين سنة، علما بأن هناك 64 مؤسسة ثقافية في القدس، ثمان منها تعتبر كبيرة ولها ميزانية بقيمة تزيد على 2.2 مليون دولار، بينما المرافق الثقافية في حيفا تساوي عشرة أضعاف هذا العدد وميزانياته وفي تل أبيب عشرين ضعفاً. وهذه المؤسسات في القدس تضم 11 مسرحا و 8 متاحف (بينها متحف ضخم في القدس الغربية لتاريخ وثقافة الاسلام) و7 فرق موسيقية، 3 فرق رقص و9 مدارس لتعليم الفن ودار للسينما و5 مؤسسات للفن التشكيلي.
ومع ان الاحتفالات بالقدس في اسرائيل قد انتهى موعدها، فإن هناك تواصلا للنشاطات الثقافية فيها، يتوقع أن تزيد وتكبر خلال الاحتفالات الفلسطينية بالقدس الشرقية. وكأنا بهم يقولون، حتى الثقافة العربية في القدس محتلة.