إن
الأخلاق هي الباب الأعظم في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وصولا لحب
الله بجانب العبادات، وعلى هذا جاء حديثه صلى الله عليه وسلم: "إن من
أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا
الله تعالى في كتابه العزيز: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ
وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}. إن هذا النور هو
الأخلاق الناتجة عن الإخلاص في العبادات، فمن كان على هدى وكان ذا خلق طيب
سار بين الناس نورا يهديهم للحق والخير ولو دون كلام؛ فصِدق حاله وحُسن
خُلقه هو في حد ذاته عبادة ودعوة إلى اللهولنا
في رسولنا العظيم القدوة الحسنة في حسن الخلق بل وتمام وكمال الخلق الذي
وصفه الحق تبارك وتعالى بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.. فهيا
بنا نتجول في رياض التعاليم الربانية والوصايا النبوية لنصل إلى حسن الخلق
معرفة ثم نستعين بالله على تطبيق ما تعلمناه منه
ومن الدروس النبوية الأولى التي
تلقاها الصحابة وأوصلوها إلينا أنه ورد أن النبي كان يجلس مع الصحابة فمرت
جنازة فوقف النبي فقالوا: يا رسول الله إنه يهودي! فقال صلى الله عليه
وسلم: "أوَليست نفسا؟".. فاحترام النفس الإنسانية وتقديرها تقديسا لخالقها
من حُسن الخُلق ولا يرتبط الأمر بعقيدة أو دين هذه النفس بل يكفينا أنها
نفس خلقها الله بيده
وفي الترمذي وأبو داود من حديث أبي ذر قال صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحُها وخَالِق الناس بخُلق حسن"
ولنتذكر يا أخواتى ونحن نتعامل مع الناس أن رسول الله لم يكن سيئا وقد جاء في سنن الترمذي من حديث أبي الدرداء: "ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حُسن الخلق"..
ثم قال: "وإن الله يبغض الفاحش البذيء".. ولهذا وجهنا ربنا إلى أن نحسن اختيار ألفاظنا وندقق فيها
فقال سبحانه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ}، أي أنه لا كلمة تخرج من اللسان إلا وتكتب إما من ملك اليمين أو
الشمال، وأول من يسمع اللفظ هو الله، فقبل أن تصل الكلمة السيئة لمن
أوجهها إليه يجب أن أعلم أنها ستصل إلى الله، وقبل أن تصل الكلمة الطيبة
إليه تصل إلى الله. فلتتخير أنت -أيها المسلم- أي الكلمات تحب أن تصل إلى
الله عنك.
وسُئِل
-صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة كما في سنن الترمذي
وسنن أبي داود عن عائشة: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات الصائم
القائم".. وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء.. وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وبيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقهويقول
الأحنف بن قيس: "إن من أعظم العيوب الخُلق الدنيء واللسان البذيء".. وقيل:
"أربع من كن فيه يُرفع عند الله في أعلى الدرجات: الحلم والتواضع والكرم
وحسن الخلق.. ذلك كمال الإيمان"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق
يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".
والأحاديث
الموجهة لحسن الخلق كثيرة ومواقف النبي وصحابته والتابعين كثيرة، ولعلنا
هنا نحتاج أن نقترب أكثر من معنى حسن الخلق حتى نستطيع تطبيقه. ومن ذلك ما
أوصى به النبي صلى اللّه عليه وسلم أبا هريرة فقال: "يا أبا هريرة! عليك
بحسن الخلق". قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: وما حسن الخلق يا رسول اللّه؟
قال: "تَصِلُ من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك
وعنه
أنه قال: "أحب الناس إلى اللّه أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى اللّه عز
وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد
عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في
المسجد شهراً". ومن حسن الخلق أن أقدر الناس وأحترمهم وأنزلهم منازلهم،
وأن أعطي كل واحد منهم قدره الديني أو الدنيوي أو الإنساني، وفي هذا قال
صلى الله عليه وسلم: "أنزلوا الناس منازلهم
وقد تكلم العلماء عن معنى أن يكون الإنسان ذا خلق حسن فقالوا
أن يكون كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الإصلاح، صدوق اللسان، قليل
الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، براً، وصولاً، وقوراً صبوراً، شكوراً،
راضياً، عفيفاً، شفيقاً، لا لعاناً ولا سباباً، ولا نماماً، ولا مغتاباً،
ولا عجولاً ولا حقوداً، ولا بخيلاً ولا حسوداً، بشوشاً، يحب في الله،
ويبغض في الله، يرضى في الله، ويغضب في الله، فهذا هو حسن الخلق.
وأنا
أدرك يا أحبائي أننا في مرحلة عصيبة وأن الأخلاق توارت بعض الشيء عن
مجتمعاتنا مما يصعب الأمور على أهل الخلق وأهل الدين. ولكن تذكروا دائما
أن الخير في رسول الله وفي أمته إلى يوم القيامة، وإن كان القابض على دينه
كالقابض على جمرة من نار
فإن الله قادر على أن يجعل هذه النار بردا وسلاما على أحبائه فتهون أمور الدنيا ونجدنا مقبلين
بحسن الخلق على روضة الإيمان فنسعد ونُسعِد غيرنا
أن يكون كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الإصلاح، صدوق اللسان، قليل
الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، براً، وصولاً، وقوراً صبوراً، شكوراً،
راضياً، عفيفاً، شفيقاً، لا لعاناً ولا سباباً، ولا نماماً، ولا مغتاباً،
ولا عجولاً ولا حقوداً، ولا بخيلاً ولا حسوداً، بشوشاً، يحب في الله،
ويبغض في الله، يرضى في الله، ويغضب في الله، فهذا هو حسن الخلق.
وأنا
أدرك يا أحبائي أننا في مرحلة عصيبة وأن الأخلاق توارت بعض الشيء عن
مجتمعاتنا مما يصعب الأمور على أهل الخلق وأهل الدين. ولكن تذكروا دائما
أن الخير في رسول الله وفي أمته إلى يوم القيامة، وإن كان القابض على دينه
كالقابض على جمرة من نار
فإن الله قادر على أن يجعل هذه النار بردا وسلاما على أحبائه فتهون أمور الدنيا ونجدنا مقبلين
بحسن الخلق على روضة الإيمان فنسعد ونُسعِد غيرنا