حضرت قبل مدة، ندوة علمية كان ضيفها كل من العلاّمة محمد سعيد البوطي، ومفتي الأردن الدكتور نوح القضاة، والداعية الحبيب علي الجفري، وقد كلفت وزارة الأوقاف أئمة المساجد بحضور الندوة، الأمر الذي جعلني التقي بمجموعة كبيرة من الشباب حديثي التوظيف كأئمة للمساجد، سمعتهم بأذني أكثر من مرة يشتمون العلماء الثلاثة الضيوف، بل ولا يتورعون عن تكفيرهم، وقد تساءلت في نفسي عن سبب هذا التلون ،وهل أمر وزارة الأوقاف لهم بالحضور ينسخ أحكامهم بحق المشايخ الثلاثة ؟
لكن السؤال المركزي فوق كل ذلك والذي راودني حينها :
ما هو دور رجل الدين في المجتمع؟
وما هي حقيقة المكانة التي يمثلها؟؟
أي دور ٍ وراء فتاواه في الحيض والنفاس ؟؟ إن فقه بها حقّ الفقه؟
وهل يختزل هذا الدور في تفسير الأحلام.. وتغسيل الموتى ؟؟
لا زلت أذكر كيف كان المصلون يفصلون بين نزاعات أصحاب اللحى، والتي لطالما وفي قلب حرم الله وصلت للتشابك بالأيدي والتراشق بالنعال !! فهذا سلفي، وآخر أشعري ، وثالث اخونجي ، ورابع تحريري!
كلٌ يدّعي وصلا بليلى .. ولا أدري فلعلّ ليلى لا تقر لأحد منهم وصلاً !!
أتساءل (عن دور رجل الدين ، والشخصية المتدينة بوجه عام) والصور تتوالى في مخيلة الألم المكتنزة عندي ، وقد أضحى الدين الخاتم باهت الصورة، لمّا خلط الماء بالزيت ، والموروث بالمأثور !
فها أنا أعود ذات يوم من عملي لأستمع إلى صرخات ابنة الجيران التي لم تتجاوز 16 عاما تصك أذني ، فشقيقها يبرحها ضربا لأنها تصر على ارتداء النقاب الأبيض عوضا عن الخمار الأسود .
صديق آخر يحاول الانتحار فوالده الشيخ حرمه من كل شيء بعد أن كشف عن اتفاقه الزواج من فتاة مسلمة لكنها على غير مذهب الأسرة، وحال من التقائهما الشرعي.
لك الله يا إسلام ..
وارحمتاه لقيمك السمحاء ..
فأنت ذات الدين الذي تضجّ عبارات نصوصه الدينية رأفة ورحمة:
* قال تعالى : "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " الأعراف32
* (من رقّ للأنثى كان كمن بكى من خشية الله- الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )
* (لأن تهدم الكعبة أهون عند الله من أن تصفر وجه أخيك .. أو كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )
* (تبسمك في وجه أخيك صدقة – الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )
نعلم أن النظرية العظيمة الراسخة لا تفسد بالتطبيق، وهذا عزائنا، لكن أصدقكم القول:
فقد بلغ السيل الزُبى!!!
وبهذا الصدد راقني ما دونه قلم الكاتبة في صحيفة العرب اليوم : رانية الجعبري ، خريجة الشريعة، ضمن سلسلتها (حكاوي بنت) تحت عنوان : في انتظار المخلص، أنشره هنا لتشابك الموضوع وأهمية ما أشارت إليه :
حكاوي بنت/ في انتظار المُخلّص
رجل الدين في حياتي كان أبداً هو ذلك المُخلّص الذي يتأخر دائماً عن موعده لإنقاذي، بحجة أنه مكبل بقيود الواقع، رغم أن الأديان جاءت على هيئة ثورة تنتصر للمظلوم من الظالم، وتواجه الواقع وتصرخ في وجهه : أنت ظالم..
ولقد انتظرت رجل الدين ليمسح دمعتي عندما كان أهلي يجبروني على أداء شكليات الدين، ويطلب منهم أن يرفقوا بي حتى أقتنع بهدوء؛ لكنه لم يأتِ, ولم يدرك أنني بحاجة ثائر ينصفني , لذا قررت الاستعانة بنفسي, وعقد العزم أن أثور, فأرجوك لا تلمني فقد انتظرتك طويلاً, لكنك لم تأت في الوقت المناسب.
كانت كل آمال الطفولة التي شكلت مخيلتي وصاغت طموحي معلقة على وجودك.. على عقلانيتك التي من شأنها أن تجعل تقطيبة والدي بسمة حنونة وهو يرى ابنته التي لم تتخط السبع سنوات من عمرها ترقص على أغنية تعجبها , لكنك كنت أبداً تثير خشيته علي منذ كنتُ طفلة من الخلاعة التي يراها تقف على أعتاب سنين الشباب وتتربص بي.
كنت تدعوه أن يخاف علي من النضوج , من السعادة , من الحياة التي خُلقت ُلأجلها.
صدقاً انتظرتك لتخبر آباءنا أن الله وهبنا الحياة لنسعد بها, وليس لنجني الأجر الحسن عبر التقطيبة التي ألفتها البنات إشارة حمراء على جبهات الآباء لتمنعهن دائماً من الاقتراب مما أحببن.
انتظرتك طويلاً لتحكي لجارتنا النكدة أن العبادات التي تُلّحُ بها على الله لتحصل على إذن دخول الجنة ليست إلا جزءاً من ديانة مكتنزة بالأخلاق, ديانة جعلت البسمة صدقة نتقرب بها الى الله.
انتظرتك لتقول للرجال أن الأديان تبارك أولئك الذين تنبض قلوبهم بمفاهيم الفرسان, لكنك كنت دائماً تذكي في قلوبهم لذة الوصاية علينا.
لقد قضيت عمراً باحثة عن مفردات تجمعني بالله والحياة معاً, وكنت أنت بعيداً عني منكباً على كتابة شرح على هامش كتاب قديم في محاولة منك لنحيا يومنا الحالي بمفردات الماضي.
لا تلمني؛ فأنا أبحث عن نفسي التي تاهت في لعبة شد الحبل بينك وبين أقطاب تحاربها تارة وتهادنها تارة أخرى لتصنع منصباً, ولم تدرك ولو للحظة مدى حاجتي إليك لتحميني وترتب أفكار مجتمع تائه عن درب السعادة والخير.
لذا, أرجوك لا تلمني؛ فلقد انتظرتك طويلاً ولم تأتِ
لكن السؤال المركزي فوق كل ذلك والذي راودني حينها :
ما هو دور رجل الدين في المجتمع؟
وما هي حقيقة المكانة التي يمثلها؟؟
أي دور ٍ وراء فتاواه في الحيض والنفاس ؟؟ إن فقه بها حقّ الفقه؟
وهل يختزل هذا الدور في تفسير الأحلام.. وتغسيل الموتى ؟؟
لا زلت أذكر كيف كان المصلون يفصلون بين نزاعات أصحاب اللحى، والتي لطالما وفي قلب حرم الله وصلت للتشابك بالأيدي والتراشق بالنعال !! فهذا سلفي، وآخر أشعري ، وثالث اخونجي ، ورابع تحريري!
كلٌ يدّعي وصلا بليلى .. ولا أدري فلعلّ ليلى لا تقر لأحد منهم وصلاً !!
أتساءل (عن دور رجل الدين ، والشخصية المتدينة بوجه عام) والصور تتوالى في مخيلة الألم المكتنزة عندي ، وقد أضحى الدين الخاتم باهت الصورة، لمّا خلط الماء بالزيت ، والموروث بالمأثور !
فها أنا أعود ذات يوم من عملي لأستمع إلى صرخات ابنة الجيران التي لم تتجاوز 16 عاما تصك أذني ، فشقيقها يبرحها ضربا لأنها تصر على ارتداء النقاب الأبيض عوضا عن الخمار الأسود .
صديق آخر يحاول الانتحار فوالده الشيخ حرمه من كل شيء بعد أن كشف عن اتفاقه الزواج من فتاة مسلمة لكنها على غير مذهب الأسرة، وحال من التقائهما الشرعي.
لك الله يا إسلام ..
وارحمتاه لقيمك السمحاء ..
فأنت ذات الدين الذي تضجّ عبارات نصوصه الدينية رأفة ورحمة:
* قال تعالى : "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " الأعراف32
* (من رقّ للأنثى كان كمن بكى من خشية الله- الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )
* (لأن تهدم الكعبة أهون عند الله من أن تصفر وجه أخيك .. أو كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )
* (تبسمك في وجه أخيك صدقة – الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )
نعلم أن النظرية العظيمة الراسخة لا تفسد بالتطبيق، وهذا عزائنا، لكن أصدقكم القول:
فقد بلغ السيل الزُبى!!!
وبهذا الصدد راقني ما دونه قلم الكاتبة في صحيفة العرب اليوم : رانية الجعبري ، خريجة الشريعة، ضمن سلسلتها (حكاوي بنت) تحت عنوان : في انتظار المخلص، أنشره هنا لتشابك الموضوع وأهمية ما أشارت إليه :
حكاوي بنت/ في انتظار المُخلّص
رجل الدين في حياتي كان أبداً هو ذلك المُخلّص الذي يتأخر دائماً عن موعده لإنقاذي، بحجة أنه مكبل بقيود الواقع، رغم أن الأديان جاءت على هيئة ثورة تنتصر للمظلوم من الظالم، وتواجه الواقع وتصرخ في وجهه : أنت ظالم..
ولقد انتظرت رجل الدين ليمسح دمعتي عندما كان أهلي يجبروني على أداء شكليات الدين، ويطلب منهم أن يرفقوا بي حتى أقتنع بهدوء؛ لكنه لم يأتِ, ولم يدرك أنني بحاجة ثائر ينصفني , لذا قررت الاستعانة بنفسي, وعقد العزم أن أثور, فأرجوك لا تلمني فقد انتظرتك طويلاً, لكنك لم تأت في الوقت المناسب.
كانت كل آمال الطفولة التي شكلت مخيلتي وصاغت طموحي معلقة على وجودك.. على عقلانيتك التي من شأنها أن تجعل تقطيبة والدي بسمة حنونة وهو يرى ابنته التي لم تتخط السبع سنوات من عمرها ترقص على أغنية تعجبها , لكنك كنت أبداً تثير خشيته علي منذ كنتُ طفلة من الخلاعة التي يراها تقف على أعتاب سنين الشباب وتتربص بي.
كنت تدعوه أن يخاف علي من النضوج , من السعادة , من الحياة التي خُلقت ُلأجلها.
صدقاً انتظرتك لتخبر آباءنا أن الله وهبنا الحياة لنسعد بها, وليس لنجني الأجر الحسن عبر التقطيبة التي ألفتها البنات إشارة حمراء على جبهات الآباء لتمنعهن دائماً من الاقتراب مما أحببن.
انتظرتك طويلاً لتحكي لجارتنا النكدة أن العبادات التي تُلّحُ بها على الله لتحصل على إذن دخول الجنة ليست إلا جزءاً من ديانة مكتنزة بالأخلاق, ديانة جعلت البسمة صدقة نتقرب بها الى الله.
انتظرتك لتقول للرجال أن الأديان تبارك أولئك الذين تنبض قلوبهم بمفاهيم الفرسان, لكنك كنت دائماً تذكي في قلوبهم لذة الوصاية علينا.
لقد قضيت عمراً باحثة عن مفردات تجمعني بالله والحياة معاً, وكنت أنت بعيداً عني منكباً على كتابة شرح على هامش كتاب قديم في محاولة منك لنحيا يومنا الحالي بمفردات الماضي.
لا تلمني؛ فأنا أبحث عن نفسي التي تاهت في لعبة شد الحبل بينك وبين أقطاب تحاربها تارة وتهادنها تارة أخرى لتصنع منصباً, ولم تدرك ولو للحظة مدى حاجتي إليك لتحميني وترتب أفكار مجتمع تائه عن درب السعادة والخير.
لذا, أرجوك لا تلمني؛ فلقد انتظرتك طويلاً ولم تأتِ