امهات فلسطين.. معاهد لتخريج المقاومين
إنها معاهد من نوع خاص؛ توجد في فلسطين في كل شبر يوجد فيه جندي صهيوني؛ هذه المعاهد ليست كغيرها من المعاهد في العالم؛ فلا يوجد فيها تكاسل أو نوم عن أداء الواجب؛ سواء من الأستاذ أو من التلميذ، إنها مدرسة خرجت تلاميذ لسوا ككل الناس؛ عرفوا طريقهم جيدا ولم يرجعوا إلى الوراء أبدا. لقد تعلموا في تلك المعاهد الكبيرة الشامخة؛ ورضعوا لبن الكرامة والعز والشموخ؛ ورفض الخضوع والوهن للعدو مهما كان الثمن.
صحيح أنه يوجد في كل العالم مثل هؤلاء الناس من المربين والمدرسين، ولكن هناك فرق كبير بينهن، فهن يلتقين في الأشكال فقط؛ أما في الروح والفكر والأهداف فهناك فرق كبير جدا؛ فلا مجال للمقارنة بين من تعمل على تربية جيل مؤمن تحت أزيز الطائرات وأصوات الصواريخ، وليس لها خيار التراجع إلى الوراء، ومن تعيش على غير جبهات المقاومة.
إن هؤلا امهات لم تلههن زخارف الدنيا وبهرجها؛ ولم تسرق أوقاتهن أحاديث النميمة والغيبة، ولم يقتلن أوقاهم خلف شاشات التلفاز يتابعن الافلام المدبلجة؛ كما يفعل أخواتهن في البلدان العربية والإسلامية.
إن لهؤلاء هدفا واضحا؛ يغطي على كل هذه الشكليات التي لاتسمن ولا تغني من جوع؛ ولم يصرفن أموالهم في مساحيق التجميل؛ فهناك مساحيق تجميل أخرى لم تدركها الأخريات، إنهن بوابة الأرض نحو السماء؛ نحو الجنة في العلى عند رب العالمين إنهن نساء فلسطين؛ إنهن خنساوات فلسطين نجباء فلسطين؛ ونجومها في السماء.
عندما نرى امهات فلسطين؛ نستغرب منهن ومن قوتهن ومن إصرارهن على تقديم أبنائهن وفلذات أكبادهن الواحد تلو الآخر؛ بدون تردد أو خوف كما قالت أم نضال فرحات لنجلها الشهيد وهي تودعه وتقول له وداعا يابني؛ وداعا ياحبيي أنت لست أغلى من فلسطين؛ ومن الأقصى والقدس.
عندما نرى هذه القوة والثبات نستغرب أشد الاستغراب؛ أمام هاته الأسطورة الجهادية الكبيرة من نساء العالم الإسلامي، لقد ضلت أم نضال فرحات تربي أبنائها على مكارم الأخلاق وحب الجهاد في سبيل الله؛ وفي سبيل فلسطين؛ والمقدسات الإسلامية؛ والذود عن حرمات المسلمين، وضلت أم نضال فرحات تسابق الزمن؛ وهي تجهز أبناءها وتلقنهم قواعد الجهاد، وترضعهم لبن الكرامة والحرية ورفض الذل والمهانة والانكسار أمام أي كان.
لقد سجلت أم نضال فرحات؛ أروع الصور لجهاد المرأة الفلسطينية، وضربت مثالا بدفعها ابنها محمد للمشاركة في اقتحام مستوطنة صهيونية وقتل العشرات من مستوطنيها رغم صغر سنه، بعد أن نمّت الجرأة في قلبه وهي تقول له: "أريدك أن تقاتل بالسلاح لا بالحجر"
لقد زرعت أم نضال فرحات؛ في قلب محمد حب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله؛ وعدم الضعف والوهن؛ فالطريق شاق إلى القدس والنصر؛ والوقود أنت يامحمد، وكذلك نضال، لقد قارعت أم نضال فرحات الجيش الصهيوني؛ بفلذات أكبادها بعد أن جهزتهم لهذا اليوم الذي ستجعل فيه منهم أسودا في الميدان. يتعبن بني صهيوني ويرعبنهم، ويجعلن من جيشهم الجبان أضحوكة العالم، كذلك أم خليل والدة شهداء سرايا القدس؛ الجناح المسلح للجهاد الاسلامي؛ من الشيخ خليل إلى إخوته الأبطال الذين أذاقوا العدو الصهيوني مرارة النزال، وجعلوه يندم على اليوم الذي اغتصب فيه فلسطين. كذلك أم محمد حلس التي قدمت ابنها في سبيل الله وفي سبيل فلسطين.
إننا أمام ظاهرة غريبة؛ أمام امهات مثل الحديد؛ قلوبهم قوية صلبة لم ترهبهم مدافع الجيش الصهيوني؛ ولا طائراته، بل إنهن كن يخرجن رجالا يقضون مضاجع الصهاينة.
إن فلسطين لن تسنى نساءها الأبطال؛ اللائي كن وما زلن يجدن بكل ما يملكن؛ وصنعن أبطال فلسطين كالشيخ؛ أحمد ياسين والرنتيسي والشقاقي والمقادمة وشحادة وعياش، والأبطال اللذين روو أرض فلسطين وأناروا سماءها بدمائهم الزكية.
يا امهات فلسطين، يا امهات الأمة الإسلامية، هذه تحية عزة وإباء إليكن يا قلاع الحرية والكرامة والعزة والثبت على ثغر التخريج.
لكن منا كل تحية اجلال واكبار
لكن منا كل تحية اجلال واكبار